انا افكر ؟

لا أرى..لا أسمع...لكنني أفكر!
أحيانا نفكر وأحيانا نحاول أن نفهم
نتفاوت في قدراتنا العقلية وينبغ منا البعض وتتألق عبقريته في حفظ كم من المعلومات أو ربما في بعض العمليات الحسابية في لحظات
ولكن ...تتوقف العبقرية فجأة
تتوقف لأنها مهما سمنت وتضخمت فهي لن تستطيع الخروج من حدود خاصة أعلى من أن تخرج إليها
إنها حدود عالم الغيب



كيف لنا أن نفهم
ما هو أكبر من عقولنا
كيف سنضع ألف كرة في صندوق لا يتسع إلا لمئة كرة فقط!
مستحيل
كيف سنملأ كأسا سعته شربة ماء بألف لتر من الماء!
مستحيل
كيف سندرك شكل الروح؟
وتركيبها ومعنى الموت ومعنى الحياة؟
حتى النوم والإستيقاظ
بل حتى وجودك الآن أنتى...نعم أنتى ..كيف تفهمى ما أكتبه وكيف تترجمى القراءة إلى معلومات تدور في رأسك ثم تردى عليّ بعد لحظات
حتى لو فسرها العلماء...هل أمسكوها في الأيادي وفحصوا الفكرة تحت المجهر
.بالطبع لا

إننا هنا ياليديزات أمام قضية هامة...وهي
حدود إعمال العقل في الإيمان بالله...بالغيب...باليوم الآخر.



الكون سلم كبير
أكبر من أن يدرك لأنه
كبير جدا
حتى لو صعدتن عليه لن تروا عالم الغيب لأن كما لعينكن رؤية محدودة فعقولكن محدوده في فهمه أيضا مهما بلغت عبقرية عقولكن

بل ربما ستشعرن كلما ازددتن علما بإعجاز الله في خلق الكون بمدى جهلكن وضآلة عقليتكن
ما نحن إلا نقطة في بحر كبير من المخلوقات

أشهد أن لا اله الا الله

الغيب :

هو:
كل ما غاب عن حس الإنسان سواء بقى سرا مكتوما يعجز الإنسان عن إدراكه بحيث لا يعلمه إلا اللطيف الخبير
لا نمسكه
لا نشمه
لا نراه
لا نسمع صوته
لن نفحصه تحت المجهر ولن تجرى عليه الأبحاث لأنه (غيب مطلق لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ)
بل وأضيفوا بجوار (لا)...(لن)
يعلمه الإنسان بالخبر اليقين عن الله ورسوله
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الجن:

((عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول…))


نستمع إلى الرسل ويخبرونا عما غاب عنا من أمور، فنصدقهم ونؤمن بها بالغيب دون أن نراها لأن الله خصهم بمعرفة هذه الأمور...واحتفظ لنفسه بأمور أخرى
ولكن هذا لا يكون إلا بشرط، وهو أن نستوثق أولاً بأنهم حقاً رسل من عند الله ونتفحص بينات رسالتهم، ثم نشهد لهم بعد ذلك بالرسالة، ثم بعد ذلك نؤمن بما يخبرونا به من أمور غيبية فنصدقهم ونؤمن بها بالغيب.
وحتى نستوثق..لابد من بينة تدلنا...أليس كذلك؟
ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى عندما أرسل الرسل، بماذا أرسلهم
ليؤمن الناس بهم، بالجيوش ؟
بالمال؟
بالسلطان والجاه؟


تأملى أختي الكريمة "لقد أرسلهم بالبينات"
بالنور
بالضوء
بالدليل
كما قال تعالى في سورة الحديد:
((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز.))

أي الحجج والأدلة والبراهين حتى يتيقن الناس بصدقهم فيؤمنوا بما يذكروه من الغيب.


وتأملوا نهاية الآية (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)
أي وليعلم الله من ينصر دينه ورسله مؤمناً بالغيب
قال أبن عباس ينصرونه ولا يبصرونه
وإنما عرفوه عن طريق تصديقهم برسله الذين أرسلوا بالبينات.
بسم الله الرحمن الرحيم:
(والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون)

أي أننا نؤمن بالبينات واعظم بينه هي القرآن الكريم… البينة العظمى للرسول
فنرى وندرك هذه البينة بحواسنا ونؤمن أنها من عند الله ثم نتيقن بعد ذلك بكل ما يخبرنا به من أمور غيبية ومنها الآخرة وما فيها من مواقف ومشاهد.
والايمان بالغيب… بهذا المنهج الذي أراده الله سبحانه وتعالى
باستعمال الحواس وباستعمال العقل للتعرف على آثار الله في الكون هي صفة عالية جعلها الله سبحانه وتعالى أول صفة للمتقين الذين يحبهم
على نور وبيان وبصيرة من الله يبصرون بها البينات والآثار فيؤمنوا بالغيب
كأنه عالم الشهادة

و الإيمان بالغيب من الخصائص المميزة للإنسان عن غيره من الكائنات. ذلك أن الحيوان يشترك مع الإنسان في إدراك المحسوس، أما الغيب فإن الإنسان وحده المؤهل للإيمان به بخلاف الحيوان

والإيمان اعتقاد وقول وعمل فهو اعتقاد القلب في الله ورسوله وكل ما جاء به الشرع اعتقادا جازما لا يرد عليه شك، ولا ريبة ثم اتباع ذلك الاعتقاد بعمل الجوارح حتى يطابق الظاهر الباطن.
إذن عندما أؤمن بأن الله تعالى واجب الوجود سأطيعه
وعندما أعرف أسماءه الحسنى وأن منها أنه الرقيب لن أعصاه وأنا أعلم أنه يراقبني
وعندما أعلم أنه القدير لن أتوقف عن الدعاء لأنني أعلم يقينا أنه قادر على أن يكشف السوء ويرفع الضر عني
وعندما أؤمن بكتابه سأصدق كل ما فيه حتى ولو لم أراه بأم عيني
وعندما أصدق الرسول سأصدق كل ما أخبرني به حتى وإن لم أثبته بالمختبر




أتعلمون لو آمنا حقا بالغيب كيف سيكون حالنا
سيكون كحال الصالحين

كان بعض السلف إذا صلى كان كالثوب الملقى
و بعضهم ينفتل من صلاته متغير اللون لقيامه بين يدي الله عز و جل
و بعضهم إذا كان في الصلاة واقفا في الصف كان لا يعرف من على يمينه و شماله
و بعضهم يصفر وجهه إذا توضأ للصلاة
فقيل له إنا نراك إذا توضأت للصلاة تغيرت أحوالك
قال : إني أعرف بين يدي من سأقوم
و كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يتزلزل و يتلون وجهه
فقيل له : ما لك ؟ فيقول : جاء و الله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملتُها .
إنه اليقين الذي قادهم لهذا.
استغفر الله عن غفلتي

سأفكر بطريقة تعبدية لا بطريقة نقديه لأثبت شيئا وأنكر آخر
سأتأمل لأنني أتيقن أن ما سأتأمل فيه من إبداع من لا يحتاج دليلا على وجوده لأنه الدليل سبحانه على كل شيء
آمنت بالله
لا إله إلا الله
نسأل الله أن لا يفتننا بالعلم
وأن لا يجعل نعمة العقل تشغلنا عن الإيمان بمن وهبنا العقل
اللهم نسألك اليقين
اللهم أكتبنا عندك من الصديقين
اللهم إننا نشهد أن لا إله إلا أنت سبحانك
أرزقنا لذّة النظر إلى وجهك الكريم
والشوق إلى لقائك


تعليقات